Selasa, 06 Oktober 2015

التفسير الإشاري

التفسير الإشاري
كتبه: أشرف
طالب جامعة دار السلام




المقدمة
إن الاختلاف في مناهج التفسير والاتجاهات التي سلكها المفسرون أمر لاشك فيه. وهذا الاختلاف يأتي من خلفية المفسرين، وهي تؤثر المفسر عند قيامه بتفسير آية من آيات القرآن الكريم.
والتفسير الإشاري منهج من المناهج قام به بعض المفسرين في تفسير القرآن الكريم. ولأجل فهم هذه الدراسة تتطلب بحثا في تعريفاته والمقارنة فيما بينه، وآراء العلماء عنه، وأمثلة تطبيقه في القرآن، ليظهر للقارئ الفرق بين مفهومه ومفهوم التفسيرات الأخرى من تفاسير الباطنية أو التفسيرات المزعومة. وهذا ما أوضحته وأبلجته في البحث عن التفسير الإشاري. 
البحث
1.   تعريف التفسير الإشاري
إن له تعاريف كثيرة عرّفها العلماء والمفسرون، ونذكر هنا بعضها. وقد عرّفه الزرقاني بأنه تأويل القرآن بغير ظاهره لإشارة خفية تظهر لأرباب السلوك والتصوّف، ويمكن الجمع بينها وبين الظاهر المراد أيضا.[1] وعرّف الصابوني  بأنه تأويل القرآن على خلاف ظاهره، لإشارات خفية تظهر لبعض أولي العلم، أو تظهر للعارفين بالله من أرباب السلوك والمجاهدة للنفس، ممن نور الله بصائرهم فأدركوا أسرار القرآن العظيم ، أو انقدحت في أذهانهم بعض المعاني الدقيقة ، بواسطة الإلهام الإلهي أو الفتح الرباني ، مع إمكان الجمع بينهما وبين الظاهر المراد من الآيات الكريمة. [2]
ويرتكرز التفسير الإشاري على رياضة روحية يأخذ بها الصوفى نفسه حتى يحصل إلى درجة تنكشف له فيها من سجف العبارات هذه الإشارات القدسية، وينهل على قلبه من محب الغيب ما تحمله الآيات من المعارف السبحانية. ولا يري الصوفى أن التفسير الإشاري هو كل ما تحمله الآية من المعانى، بل يرى أن هناك معنى آخر تحمله الآية، ويراد منها المعني الظاهر الذي ينساق أليه الذهن. [3]
2.   الفرق بين التفسير الإشاري والتفسير الباطني
من التعاريف السابقة يتبين لنا الفرق بين التفسير الإشاري والتفسير الباطني، وهو
أن صاحب التفسير الباطني يبطل الظاهر أو يجعل الظاهر للعامة دون الخاصة، أما صاحب التفسير الإشاري فإنه يقر بالظاهر ويعترف بأنه هو المراد من الآية لكنه يقول "إن في الآية إشارة لمعنى آخر يخطر بباله عند قراءتها".[4]
3. شروط قبول التفسير الإشاري        
        إن تفسير الناس يحاور على ثلاثة أصول، وهي : تفسير على اللفظ وهو الذي ينحو إليه المتأخرون، وتفسير على المعنى وهو الذي يذكره السلف، وتفسير على الإشارة والقياس وهو الذي ينحو إليه كثير من الصوفية وغيرهم. والأصل الأخير إذا استوفى الشروط الآتية:[5]
1- أن لا يناقض معنى الآية. 2- وأن يكون معنى صحيحا في نفسه. 3- وأن يكون في اللفظ إشعار به. 4- وأن يكون بينه وبين معنى الآية ارتباط وتلازم. 5- فإذا اجتمعت هذه الأمور الأربعة كان استنباطا حسنا.  
        وقال الزرقاني: "أن التفسير الإشاري لا يكون مقبولا إلا بالشروط الخمسة الآتية، وهي 1- ألا يتنافى وما يظهر من معنى النظم الكريم. 2- ألا يدعى أنه المراد وحده دون الظاهر. 3- ألا يكون تأويلا بعيدا سخيفا كتفسير بعضهم قوله تعالى : ( وإن الله لمع المحسنين ) بجعل كلمة لمع فعلا ماضيا وكلمة المحسنين مفعوله. 4- ألا يكون له معارض شرعي أو عقلي. 5- أن يكون له شاهد شرعي يؤيده.[6]      
واتفق العلماء على وضع شرطين أساسين لصحة المعنى الإشاري، أولهما: أن يصح على مقتضي الظاهر المقرر فى لسان العرب، بحيث يجرى على المقاصد العربية. والآخر: أن يكون شاهد له نصا أو ظاهرا فى محل آخر يشهد لصحة من غير معارض.[7]         
4.   أنواع الإشارات
 إن الإشارات لا تعدو واحدا من ثلاثة أنحاء، وهي:[8]
الأول : ما كان يجري فيه معنى الآية مجرى التمثيل لحال شبيه بذلك المعنى كما يقولون مثلا " ومن أظلم ممن منع مساجد الله أن يذكر فيها اسمه " أنه إشارة للقلوب لأنها مواضع الخضوع لله تعالى إذ بها يعرف فتسجد له القلوب بفناء النفوس . ومنعها من ذكره هو الحيلولة بينها وبين المعارف اللدنية وسعى في خرابها بتكديرها بالتعصبات وغلبة الهوى.  
        الثاني : ما كان من نحو التفاؤل فقد يكون للكلمة معنى يسبق من صورتها إلى السمع هو غير معناها المراد وذلك من باب انصراف ذهن السامع إلى ما هو المهم عنده والذي يجول في خاطره وهذا كمن قال في قوله تعالى ( من ذا الذي يشفع ) من ذل ذي إشارة للنفس يصير من المقربين للشفعاء فهذا يأخذ صدى موقع الكلام في السمع ويتأوله على ما شغل به قلبه . ورأيت الشيخ محي الدين يسمي هذا النوع سماعا ولقد أدع .
         الثالث : عبر ومواعظ وشأن أهل النفوس اليقظى أن ينتفعوا من كل شيء ويأخذوا الحكمة حيث وجدوها فما ظنك بهم إذا قرأوا القرآن وتدبروه فاتعظوا بمواعظه فإذا أخذوا من قوله تعالى ( فعصى فرعون الرسول فأخذناه أخذا وبيلا ) اقتبسوا أن القلب الذي لم يمتثل رسول المعارف العليا تكون عاقبته.       
5.   أهم كتب التفسير الإشاري
أولا: تفسير القرآن العظيم للتستري. وتفسيره هذا جزء واحد، يظهر انه قطعة من مجموعة أخذت من كلامه ونجده متمشيا مع الشروط السابقة. وأنه يعنى بتزكية النفوس، وتطهير القلوب، والتحلي بالفضائل مما يدل عليه القرآن بطريقة العبارة أو الإشارة.[9]
ومن أمثلة ذلك قوله فى سورة الصافات 107 ( وفدينا بذبح عضيم ): " إبراهيم عليه الصلاة والسلام لما أحب ولده بطبه البشرية، تداركه من الله فضله وعصمته حتى أمره بذبحه، إذ لم يكن المراد منه تحصيل الذبحن وإنما كان المقصود تخليص السر من حب غيره بأبلغ الأسباب، فلما خلص السر له ورجع عن عادة الطبع فداه بذبح عظيم.[10]
ثانيا: لطائف الإشارات للقشيري. ويمتاز هذا التفسير بأنه تفسير إشاري كامل للقرآن الكريم، وأن صاحبه سار على خطة واضحة بينها فى مطلع كتابه، وهي خطة تتمشى مع شروط التفسير الإشاري، وأحيانا كثيرة مع التفسير الظاهري نفسه. وهو مطبوع فى ثلاثة مجلدات كبار.[11]
ومن أمثلة ذلك قوله فى تفسير آية ( جنات عدن مفتحة لهم الأبواب ) : أي إذا جاءوها لا يلحقهم ذل الحجاب، ولا كلفة الاستأذان، تستقبلهم الملائكة بالترحاب والتبجيل، متكئين فيها على أرائكم، يدعون فيها بفاكهة كثيرة وشراب على ما يشتهون، وعندهم حور عين قاصرات الطرف عن غير أزواجهن، ( أتراب ) لدات مستويات فى الحسن والجمال والشكل.[12]
النقط المهمة
1. التفسير الإشاري هو أحد أنواع التفسير بالرأي، لأنه مبني على أساس النظر والاستدلال لبيان ما خفي من المعاني على غير أرباب السلوك الذين عرفوا الحقيقة من العمل بالشريعة.
2. إن المعاني الإشارية لا تنافي ظواهر الآيات مع أنها لم تسق للمعنى الإشاري، وقد أكّد تعريف التفسير الإشاري المختار على هذه المسألة بالقيد “يمكن التطبيق بينها وبين الظواهر المرادة”.
3. التفسير الإشاري مقبول لدى علماء الأمة الإسلامية، ما لم يخالف شرطاً من الشروط والضوابط المعتبرة التي تم تفصيلها في هذا البحث.
4. لا صلة بين التفسير الإشاري وتفاسير الباطنية والتفاسير المزعومة وذلك لموافقة التفسير الإشاري للضوابط والشروط المتفق عليها عند العلماء، ولمخالفة غيره لتلك الضوابط والشروط.
5. إن ضوابط التفسير الإشاري متفق عليها عند معظم العلماء، وهي ضوابط محكمة في قبول المعاني الإشارية في آيات القرآن الكريم.






المصادر المراجع

التستري، محمد سهل بن عبد الله بن يونس، تفسير القرآن العظيم للتستري، (القاهرة: دار الحرم التراث، 2004) الطبعة الأولى.
الذهبي، محمد حسين، علم التفسير، (القاهرة: دار المعارف، دون السنة).
الزرقاني، محمد عبد العظيم، مناهل العرفان  (بيروت : دار الكتاب العربي، 1415 هـ - 1995 م)، المجلد الثاني.
الصابوني، محمد علي، التبيان في علوم القرآن، (باكستان: مكتبة البشري،1431 هـ-2011م).
عاشورى، محمد الطاهر بن، تفسير التحرير والتنوير، (تونسي: الدار التونسية، 1984م)، المجلد الأول.
عتر، نور الدين، علوم القرآن الكريم، (دمشق: الصبان، 1414 هـ - 1993 م).
القشيرى، أبي القاسم عبد الكريم بن هوزن بن عبد الملك، تفسير القشيري المسمي بلطائف الإشارات، (بيروت-لبنان: دار الكتب العلمية، 2007 م)
القيم، ابن، التبيان في أقسام القرآن، (بيروت، لبنان: دار المعرفة، دون السنة).
اليافعي، عبد الفتاح بن صالح قديش، التفسير الإشاري دراسة تأصيلية، (اليمن- صنعاء 1426هـ).




[1]  محمد عبد العظيم الزرقاني، مناهل العرفان  (بيروت : دار الكتاب العربي، 1415 هـ - 1995 م)، المجلد الثاني،  ص  86
[2]  محمد علي الصابوني، التبيان في علوم القرآن، (باكستان: مكتبة البشري،1431 هـ-2011م)، ص 115
[3]  محمد حسين الذهبي، علم التفسير، (القاهرة: دار المعارف، دون السنة)، ص 70
[4]  عبد الفتاح بن صالح قديش اليافعي، التفسير الإشاري دراسة تأصيلية، (اليمن- صنعاء 1426هـ)، ص
[5]  هذا عند ابن القيم في كتابه التبيان في أقسام القرآن، (بيروت، لبنان: دار المعرفة، دون السنة)،  ص 49
[6]  الزرقاني، المرجع السابق، ص 58
[7]   الذهبي، المرجع السابق، 71
[8]  محمد الطاهر بن عاشور، تفسير التحرير والتنوير، (تونسي: الدار التونسية، 1984م)، المجلد الأول، ص 16
[9]  نور الدين عتر، علوم القرآن الكريم، (دمشق: الصبان، 1414 هـ - 1993 م)، ص 100
[10]  محمد سهل بن عبد الله بن يونس التستري، تفسير القرآن العظيم للتستري، (القاهرة:
[11]  المرجع السابق، ص 100
[12]  أبي القاسم عبد الكريم بن هوزن بن عبد الملك القشير النيسابوري الشافعي، تفسير القشيري المسمي بلطائف الإشارات، (بيروت-لبنان: دار الكتب العلمية، 2007 م)، المجلد الثالث، ص 102

Contoh Proposal Skripsi Bahasa Arab



تعدد الزوجات عند وهبة الزحيلي في تفسيره المنير
كتبه أشرف، S.Ud
لذكرى موت العالم الفقيه المفسر أ.د. وهبة الزحيلي رحمه الله
المتوفى : مساء السبت 8/9/2015



المقدمة
 أ.  خلفية البحث


1
من المعلوم أن الزواج أمر طبيعى تستدعيه الحياة للمحافظة على النوع الإنسانى، و المعيشة فى عيش هادىء تسوده المودة المتبادلة بين الزوجين، و العطف الدائم بينهما، و الإخلاص المستمر، حتى يكونا أسرة هانئة سعيدة آمنة فى عيشها، تتغلب على ما يتعرضها من الصعوبات و المشقات فى الحياة بالتعاون و المحبة، كما أشار إليه القرآن الكريم:

ô`ÏBur ÿ¾ÏmÏG»tƒ#uä ÷br& t,n=y{ /ä3s9 ô`ÏiB öNä3Å¡àÿRr& %[`ºurør& (#þqãZä3ó¡tFÏj9 $ygøŠs9Î) Ÿ@yèy_ur Nà6uZ÷t/ Zo¨Šuq¨B ºpyJômuur 4 ¨bÎ) Îû y7Ï9ºsŒ ;M»tƒUy 5Qöqs)Ïj9 tbr㍩3xÿtGtƒ.[1] 

فالبيت السعيد يتطلب من الزوجين تبادل المحبة و المودة و الرحمة، لأن من الزوجين تتكون الأسرة، و من مجموع الأسر تتكون الأمة، و كما تكون الأسرة تكون الأمة.[2]

لهذا، قام الإسلام بتنظيم الأسرة، لأنها قاعدة الحياة البشرية، و هي الوحدة الأولى فى بناء الجماعة، و أصل يتفرع عنه سائر فروع الحياة الإنسانية. و من عناية الإسلام بالأسرة، أنه لم يتركها عرضة للمشاكل التي قد تتعرض لها،[3]  بل جاء الإسلام بتحليل أنواع المشاكل التي تواجهها بوضع النظم الدقيقة العادلة و التشريعات الحكيمة ككفالة اليتامى، و تربية الأبناء، و النكاح المشروع، و الطلاق، و تعدد الزواج فى مشكلة الزواج، و غير ذلك من المشاكل الموجودة فى الأسرة. و لو طبقت تلك النظم و التشريعات بالأمانة فى تحليل المشاكل السابقة، لاستأصلت أسباب الخلاف و النزاع فى تلك الأمور.[4] 

لم يكن التعدد مشكلة لدى المسلمين فى أول أمرهم، ولما جاء العصر الحديث، واتصلوا بالغرب، و نقلت إليهم أفكار الغرب، و قلدوا الغرب فى كثير من مناحى الحياة، حاول البعض أن يحرم التعدد تحريما أبديا.[5]  بل نظر إليه معظم المجتمعات الإسلامية فى كثير من البلاد نظرة سلبية، فهي يستهجن و يستقبح التعدد و توصف الزوجة الثانية بأقسى الصفات، فتوصف بسارقة الرجال، أو بالمرأة الشهوانية التي لم تقدر أن تلجم عقال شهواتها، أو ينظر إليها فى بعض الأحيان نظرة دونية.[6] و قد طرأت عدة العوامل الدينية و السياسية و الاجتماعية و الاقتصادية جعلت تعدد الزوجات قضية عامة يحتدم الجدل حولها  كلما فكر الباحثون عنها فى تنظيم الأسرة فى العصر الحديث.[7]
انطلاقا من الأمور السابقة، شغل تعدد الزوجات العلماء و المفكرين في العصر الحديث، و تفرقوا من أجله في طرق شتي، منهم مؤيدون للتعدد و منهم معارضون.[8] فذهب إليه المعارضون بأن تعدد الزوجات هو نظام بدائي يتبع حال المرأة انحطاطا و رقيا، و تحريمه هو قضايا لأجل تحرير المرأة، و تحريرها منه خطوة  فى سبيل تقدمها، لأن به تناولت المرأة حقوقها الكاملة غير منقوصة.[9] و يستدلون أيضا بأن نبي محمد صلى الله عليه وسلم عاش مع زوجة واحدة و هي خديجة فى مدة ثمانية وعشرين سنة بالنسبة إلى التعدد، فإنه عاش بالتعدد ما بقي من ذلك.
  و يرى المؤيدون بأن حياة رجل واحد مع عدد من النساء ظاهرة إجتماعية و كانت موجودة فى كل البلاد و فى جميع العصور تحت اسم تعدد الزوجات أو تعدد الخليلات، و هو من وسائل تحرير المرأة التي تأخذ بيدها حياة فيها الكآبة أو المهانة إلى حياة زوجية كريمة تشعر تحت ظلالها بالعزة و الطهارة و الشرف. و هو كذلك من ظواهر حرية المرأة و انطلاق إرادتها، لأن الرجل لا يعدد زوجته بغير مشيئة و إذن المرأة.[10]
   كان المفكرون المعاصرون الذين تناولوا مشكلة تعدد الزوجات، اعتمدوا على جهد شخصي و تفكير ذاتي فى المسألة الشرعية، بل رجع بعضهم إلى النصوص و الأدلة ثم يؤولونها و يفسرونها حسب معتقادته و ما يدعوا إليه، و رجع بعضهم إلى التقاليد الدينية، و يراه بعضعم من الإعجاب بسلوك الغربيين بنظرة محدودة قاصرة، و قد تؤدي به هذه المحاولات إلى الانحراف عن جادة الصواب، فيحرفون النصوص أو يتعسفون فى تأويلها.[11]
و كانت المحاولات السابقة تخالف محاولة وهبة الزحيلي[12] فى تحليل هذه القضية، فإنه رجع إلى النصوص ثم فسرها، و حاول فى تفسيرها أن يجمع بين المأثور و المعقول، مستمدا من  أوثق التفاسير القديمة و الحديثة، و من الكتابات و الدراسات حول القرآن الكريم تأريخا، و بيان سبب النزول، و إعرابا يساعد توضيح الآيات.[13]
و لقد صرح وهبة الزحيلي فى مقدمة تفسيره المنير في العقيدة و الشريعة و المنهج بقوله: و لست فى كل ما أكتب متأثرا بأي نزعة معينة، أو مذهب محدد، أو إرث اعتقادي سابق لاتجاه قديم، و إنما رائدي هو الحق الذي يهدي إليه القرآن الكريم، على وفق طبيعة اللغة العربية، و المصطلحات الشرعية، مع توضيح آراء العلماء و المفسرين، بأمانة و دقة و بعد عن التعصب. و نهج الزحيلي في تفسيره بمنهج التحليلي، و تميز بذكر الأحكام المستنبطة من الآيات مع مجيئه بتفسيرها و بيانها،[14] و عرض بعض القضايا المعاصرة الاجتماعية السياسية الفقهية رجاءا منه استجابة مشاكل المجتمع، و الأسلوب الذي كتب فيه أسلوب ميسور، و هذا يساعد قارئ هذا التفسير كثيرا لأجل فهم نصوص القرآن الكريم.
ب.  تحديد المسألة
  بناءا على الخلفية التي سبق ذكرها، أراد الباحث أن يبحث هذه المسألة بالرجوع إلى التفسير المنير في العقيدة و الشريعة و المنهج الذي ألفه الأستاذ الدوكتور وهبة الزحيلي.
  و ليكون البحث مركزا في المطلوب و لا ينحرف عن هدفه الرئيسى حدد الباحث عن: ما نظرية تعدد الزوجات عند وهبة الزحيلي فى تفسيره المنير فى العقيدة و الشريعة و المنهج ؟     
ج. أ هداف البحث
أما الهدف الذي أراد الباحث حصوله فهو:
1.الكشف عن نظرية تعدد الزوجات عند وهبة الزحيلي فى تفسيره المنير فى العقيدة و الشريعة و المنهج.

د.  أهمية البحث
  يرجو الباحث بعد إتمام هذا البحث أن يأتي بالمنافع للباحث نفسه خاصا و للقارئين عموما. لهذا قسّم الباحث أهمية هذا البحث العلمى إلى قسمين:
1.   للتنمية العلمية
أ‌.       ليكون البحث معطيات فكرية لمن أراد التعمق فى دراسة الأحكام الإسلامية و الشريعة الإسلامية و بالخصوص فى قضية تعدد الزوجات  مؤسسا على كتاب الله.
ب‌. ليكون البحث سهما علميّا لخزنة العلم يتعلق بدراسة تفاسير القرآن و علومه فى قسم القرآن و علومه بجامعة دار السلام.
2.   للعالم الاجتماعية
أ‌.       ليكون البحث أخبارا علمية لعامة المسلمين، حتى يسلكون على الفهم السليم عن هذه القضية فى حياتهم.
ب‌. ليكون البحث دليل مقدار نشاطات دراسة التفسير بجامعة دار السلام خصوصا وبإندونيسيا عموما.

ه.   الإطار النظري للبحث
كان النكاح أساسا لمن أراد أن يقوم بتعدد الزوجات، لأن فيه العلاقة الناشئة بين زوجين بعقد شرعي يستوفى شروطه و أركانه كالولى و الصداق والشاهدين العادلين، و يتم بإيجاب و قبول،[15] و لا يصح إلا بها. و إن فى التعدد ضمانا اجتماعيا لعدد من النساء، حيث فرض الله سبحانه نفقة الزوجة على زوجها، بل نفقة الزوجة تتقدم جميع النفقات لسائر الأقاريب.[16] لهذا، يكون النكاح أساسا للقائم به، لأن فيه واجبات نفقة الزوجة على الزوج، و هي أولى الواجبة عليه نحوها.
إن الكتب المؤلفة فى التفسير قد اتجهت اتجاهات متنوعة، و تحكمت المصطلحات العلمية، و العقائد المذهبية، فظهرت آثار الثقافة الفلسفية العلمية، و آثار التصوف، و آثار النحل و الأهواء فيه. و كل من برع فى فن من فنون العلم يكاد يقتصر تفسيره على الفن الذي برع فيه.[17] فهم الباحث مما سبق أن الأمور السابقة قد تسبب اختلاف المفسرين فى تفسير بعض الآية القرآنية. 
بناء على هذا، أخذ الباحث الدراسة التفسيرية، لأن بها وصل الباحث إلى كشف معانى القرآن الكريم، و بيان المراد، و العلم بنزول الآية و سورها و أقاصيصها، و الإشارات النازلة فيها، ثم ترتيب مكيها و مدنيها، و محكمها و متشابهها، و ناسخها، و منسوخها و خاصها و عامه، و مطلقها و مقيدها و مجملها و مفسرها.[18]
و.    البحوث السابقة
  إن قضية تعدد الزوجات قابلة للنقاش، لأنها قضية عامة يحتدم الجدل و الاختلاف حولها  كلما فكر الباحثون عنها فى تنظيم الأسرة فى العصر الحديث. و تفرقوا من أجلها فى طرق شتى، فبعضهم يؤيدونها و بعضهم يعارضونها. لهذا كثرت البحوث تتكلم عن هذه القضية.
يري بني عزيز أوتومو أن الحاج حسين محمد جعل العدل شرطا من الشروط المقررة في تعدد الزوجات، ثم فسر العدل بالتسامح بين الزوجين، و يجب أن يكون العدل مبنيا على المواقفة بين الزوجين يقصد بها حصول السعادة فى الأسرة.[19] أما الباحث يتكلم عن نظرية تعدد الزوجات عند وهبة الزحيلي فى تفسيره المنير فى العقيدة و الشريعة و المنهج من حيث أسباب نزول الآية و الأمور المتعلقة بها، ثم  عرض استنباط وهبة الزحيلي للأحكام الفقهية منها، مع الملاحظة. و لا يتكلم عن نظرية العدالة فى تعدد الزوجات عند الحاج حسين محمد. من هنا اتضح الفرق بين هذا البحث و البحث السابق.      
و تري مريا أولفا أن محمد شحرور لا يفسر آيات تعدد الزوجات مقصورا على حكمه، بل إنه قام بربط هذه القضية بحفظ حقوق اليتامى و استيفاء شرطين أساسين، هما: أن يتزوج الرجل مرأة مات عنها زوجها و لها ابن، و العدل على اليتامي. [20] بخلاف هذا البحث، فإنه تكلم عن نظرية تعدد الزوجات عند وهبة الزحيلي فى تفسيره المنير فى العقيدة و الشريعة و المنهج. و لا يتكلم عن محوالة محمد شحرور في بيان و تحليل هذه القضية.         
و يرى أتان نفاران أن قريش شهاب لا يفسر الآية الثالثة من سورة النساء لأجل بيان حكم تعدد الزوجات فحسب، بل قام بربطه بالعدالة نحو اليتامي، و يفسر معنى العدل بالأمور المادية، ثم جاء ببيان الأمور المهمة المتعلقة بأسباب نزول تلك الآية.[21] بخلاف هذا البحث فإن الباحث قام بعرض نظرية وهبة الزحيلي لآيات تعدد الزوجات فى تفسيره المنير فى العقيدة و الشريعة و المنهج، ثم الكلام عن استنباطه الأحكام الفقهية منها مع الملاحظة. و لا يتكلم عن عن نظرية العدل في تعدد الزوجات بالرجوع إلى فكرة قريش شهاب في تفسيره المصباح.
بعد أن لاحظ الباحث من البحوث العلمية السابقة التى ذكرها فى الخطوط المتقدمة، فإنه لم يجد بحثا علميا تخص بحثه عن قضية تعدد الزوجات مؤسسا على تفسير المنير فى العقيدة و الشريعة و المنهج الذي ألفه وهبة الزحيلي. و هذا الذي يفرق بين البحوث السابقة بالبحث الذي قدمه الباحث. من هنا أراد الباحث أن يبحث عن هذه القضية مؤسسا على تفسير المنير في العقيدة و الشريعة و المنهج الذي ألفه وهبة الزحيلي لأجل تحليلها و توضيحها و بيانها.
ز.  منهج البحث
1.   نوعية البحث
بالنظر إلى الموضوع الذي بحثه الباحث، فإنه داخل إلى نوعية الدراسة المكتبية التي تجمع الحقائق المتعلقة بموضوع البحث، و هي بمطالعة الكتب المتعلقة بموضوع البحث.
2.   مصادر البحث
أ‌.       المصادر الرئيسية
تتكون هذه المصادر من الكتب التي  ألفها وهبة الزحيلي، منها: التفسير المنير في العقيدة و الشريعة و المنهج  و تتكون من سبع المجلدات.
ب‌. المصادر الثانوية
تتكون هذه المصادر من الوثائق المكتوبة و الكتب المتعلقة بالموضوع، منها: تعدد الزوجات في الإسلام الرد على إفتراءات المغرضين في مصر ألفه إبراهيم محمد الجمل، تعدد الزواج من النواحي الدينية و الاجتماعية و القانونية ألفه عبد الناصر توفيق العطار، فضل تعدد الزوجات ألفه أبو عبد الرحمن، لماذا الهجوم على تعدد الزوجات ألفه أحمد الحصين.
3.   منهج البحث
ليسهل الباحث على بحثه العلمي و لأجل التعمق و التوفر فى الفهم حتى يحصل الباحث على النتائج و النقط على قضية تعدد الزوجات عند وهبة الزحيلي فى التفسير المنير، سار الباحث في بحثه على  المنهج الآتي:
أ‌.       المنهج الوصفي التحليلي (Descriptive Analytical Method)، و هو الوسيلة الموصلة إلى نظرية العملية بتحليل الوثائق بحيث تطبيقها بجمع الحقائق مع مراعاة الخلفية االتاريخية ثم وصل الباحث إلى الاستنتاج.[22] و يستخدم الباحث هذا المنهج للحصول على معرفة الفكرة و ترجمة الحياة و الإطار المنهجي لوهبة الزحيلي، لأن هذه كلها تؤثر اتجاهه عند تأليف تفسيره المنير.
ب‌.  المنهج التحليلي، و هو منهج من المناهج التي استخدمها المفسر فى تفسير القرآن بعرض بيان معانى القرآن من كل النواحى حسب ترتيب المصحف مع ذكر المناسبات، و أسباب النزول. [23]استخدم الباحث هذا المنهج للحصول على الفهم الدقيق من كل النواحى عن قضية تعدد الزوجات عند وهبة الزحيلي.
ح.   تنظيم كتابة البحث
لتيسير الحصول على الأهداف المطروحة و لتنظيم كتابة هذه الرسالة، قسم الباحث هذا البحث إلى أربعة أبواب وهي:
الباب الأول يحتوى على مقدمة البحث، و ذلك يتضمن على خلفية البحث، و تحديد المسألة و أهداف البحث الذي يرمي إليه البحث و أهمية البحث و الإطار النظري للبحث و البحوث السابقة و منهج البحث و تنظيم كتابة البحث.
ثم يعرض الباحث الباب الثانى، و قسمه إلى ثلاثة فصول، تكلم الباحث فى الفصل الأول عن ترجمة حياة وهبة الزحيلي، و يتكون من  مولده و نشأته، و دراسته و شهادته، و أعماله و وظائفه و مناصبه، و التعريف مؤلفاته. و في الفصل الثانى تكلم الباحث عن أهدافه في التأليف، و منهجه في التفسير. و الفصل الثالث، تكلم الباحث عن مفهوم تعدد الزوجات عموما،  ثم لمحة تاريخية عن تعدد الزوجات و يتكون من التعدد قبل مجيء الإسلام والتعدد بعد مجيء الإسلام، ثم تعدد الزوجات في الإسلام، ثم دليل مشروعية تعدد الزوجات و يتكون من القرآن الكريم، و من السنة النبوية، ثم حكمة مشروعية تعدد الزوجات. و هذه الأمور لسهولة الباحث في بيان الحقائق التى هي الغرض الأقصى من تقديم هذا البحث.
ثم حاول الباحث فى الباب الثالث إلى تحقيق الأهداف التي خطها فى بحثه،  و تكلم الباحث عن تفسير وهبة الزحيلي لآية تعدد الزوجات، و يتكون من الإعراب، و المفردات اللغوية، ثم أسباب النزول، و التفسير و البيان، و فقه الحياة أو الأحكام، و تفسير معنى العدل عند وهبة الزحيلي، ثم حكمة تعدد الزوجات.
و يتم الباحث فى الباب الرابع بنتائج البحث و التوصيات و الخاتمة.




[1]  سورة الروم: الآية 21
[2]  محمد عطية الإبراشى، مكانة المرأة فى الإسلام، (مصر: مطابع الهيئة المصرية العامة للكتب، 2003م)، ص. 65-66
[3]  عبد التواب هيكل، تعدد الزوجات فى الإسلام و حكمة التعدد فى أزواج النبي صلى الله عليه وسلم، الطبعة الأولى، (دمشق: دار القلم، 1402هـ-1982م)، ص. 13-14
[4]  نفس المرجع، ص. 14
[5]  إبراهيم محمد الجمل، تعدد الزوجات في الإسلام الرد على إفتراءات المغرضين في مصر، (القاهرة: دار الاعتصام، د.ت)، ص. 7
[6]  زهير آميدي، ومضات إيمانية و فى آخره دراسة مختصرة فى تعدد الزوجات، الطبعة الأولى، (لبنان: دار الكتب العلمية، 2006م-1427هـ)، ص. 160
[7]  عبد الناصر توفيق العطار، تعدد الزواج من النواحي الدينية و الاجتماعية و القانونية، (القاهرة: 1392هـ-1972م)، ص. 5
[8]  إبراهيم محمد الجمل، المرجع السابق، ص. 5
[9]  عبد الناصر توفيق العطار، المرجع السابق، ص. 7
[10]  نفس المرجع، ص. 8
[11]  إبراهيم محمد الجمل، المرجع السابق، ص. 5
[12]  وهبة الزحيلي واحد من العلماء و المفكرين الذين عرفوا بغزارة إنتاجهم العلمي، ذلك الإنتاج الذي غطى قطاعات واسعة من قطاعات الثقافة الإسلامية فى الفقه و أصول الفقه و العقيدة و علوم التفسير. انظر عبد القادر صالح، التفسير و المفسرون، الطبعة الأولى، (بيروت: دار المعرفة، 1424ه-2003م)، ص. 205
[13]  بديع سيد اللحام، وهبة الزحيلى العالم الفقيه المفسر، (دمشق: دار القلام، 1422 هـ-2001م)، ص. 101
[14]  وهبة الزحيلي، التفسير المنير في العقيدة و الشريعة و المنهج، المجلد الأول، الطبعة العاشرة، (دمشق: دار الفكر، 1430هـ - 2009م)، ص. 11-12
[15]  عبد رب النبى على أبو السعود الجارحى، الزواج العرفى المشكلة و الحل، (القاهرة: دار الروضة، دون السنة)، ص. 12
[16]  أبو عبد الرحمن، فضل تعدد الزوجات، الطبعة الأولى، (الرياض: دار المنار، 1411ه-1991م)، ص. 34
[17]  محمد حسين الذهبي، علم التفسير، (القاهرة: دار المعارف، دون السنة)، ص. 37-38
[18]  بدر الدين محمد بن عبد الله الزركشي، البرهان فى علوم القرآن، بتحقيق أبى الفضل الديمياطي، (القاهرة: دار الحديث، 1427هـ-2006م)، ص. 416-417
[19]  البحث الجامعى للحصول علي درجة "الليسانس" كتبه بني عزيز أوتومو، بعنوان Konsep Adil dalam Poligami Perspektip KH. Husein Muhammad الرسالة غير مطبوعة، (جوكجاكرتا: كلية الشريعة و الأحكام بجامعة UIN Sunan Kalijaga Jogja، سنة 2010)
[20]  البحث الجامعى للحصول علي درجة "الليسانس" كتبه مريا أولفا، بعنوان Poligami Menurut Muhammad Syahrur dalam Pandagan Hukum Islam الرسالة غير مطبوعة، (جاكرتا: كلية الشريعة و الأحكام بجامعة UIN Syarif Hidayatullah Jakarta، سنة 2011)
[21]  البحث الجامعى للحصول علي درجة "الليسانس" كتبه أتان نفاران، Konsep Adil Dalam Poligami (Studi Analisis Pemikiran M.Quraish Shihab) الرسالة غير مطبوعة، (سيماراغ: كلية الشريعة و الأحكام  بجامعة  IAIN Walisongo Semarang، سنة 2010)
[22] Suharsimi Arikunto, Prosudur Penelitian Praktek, (Jakarta: Rineka Cipta, 1992), p. 51
[23]  Nashruddin Baidan, Metode Penafsiran Al-quran, (Jakarta: Pustaka Pelajar, 1998), p. 68