Kamis, 26 November 2015

مناهج المفسرين




مدرسة المفسرين من أهل الأثر
( إبن عباس ومجاهد )
مقدمة
        التفسير بالمأثور هو الذي يجب اتباعه والأخذ به لأنه طريق المعرفة الصحيحة، وهو آمن سبيل للحفظ من الزلل في كتاب الله. وقد روي عن إبن عباس أنه قال " التفسير علي أربعة أوجه : وجه تعرفه العرب من كلامها، وتفسير لايعذر أحد بجهالته، وتفسير يعلمه العلماء، وتفسير لايعلمه إلا الله".[1]
        إن أهل الأثر هم الذين يفسرون القرآن بالقرآن، أو بالسنة لأنها جاءت مبينة لكتاب الله، أو بما روي عن الصحابة لأنهم أعلم الناس بكتاب الله، أو بما قاله كبار التابعين لأنهم تلقوا ذلك غالبا عن الصحابة. وهذا المسلك يتوخى اللآثار الواردة في معنى الآية فيذكرها، ولايجتهد في بيان معنى من غير أصل، ويتوقف عما لا طائل تحته ولا فائدة فى معرفته مالم يرد فيه نقل صحيح.[2] ومن كبار أهل الأثر هم : عبد الله إبن عباس، عبد الله إبن مسعود، مجاهد إبن جبر، أبو عبد الله عكرمة، وإبن جرير الطبري. والكاتب سيتكلم الكاتب عن عبد الله إبن عباس و مجاهد إبن جبر فى هذا البحث.
عبد الله إبن عباس   
ترجمته : هو عبد الله بن عباس بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف القريشى الهاشمى إبن عم رسول الله صلي الله عليه وسلم، وأمه لبابة الكبري بنت الحارث حزن الهلالية. ولد والنبي عليه الصلاة والسلام وأهل بيته بالشعب بمكة، وذلك قبل الحجرة بثلاث سنين، وتوفي الرسول وله من العمر ثلاث عشرة سنة. وتوفي بالطائف ودفن بها وله من العمر سبعون سنة.[3]
مكانته : قال تلميذه مجاهد " إنه إذا فسر الشئ رأيت عليه النور"، ومن قول علي رضي الله عنه يثني عليه في تفسيره " كأنما ينظر ألي الغيب من ستر رقيق"، ومن قول ابن عمر " ابن عباس أعلم أمة محمد بما ينزل علي محمد"، ومن رجوع بعض الصحابة وكثير من التابعين أليه في فهم ما أشكل عليهم من كتاب الله، فكثيرا ما توجه إليه معاصروه ليزيل شكوكهم، ويكشف لهم عما عز عليهم فهمه من كتاب الله تعالي.[4]
   كان إبن عباس ترجمان القرآن، وحبر الأمة، ورئيس المفسرين، فقد أخرج البيهقى في الدلائل عن إبن مسعود قال : " نعم ترجمان القرآن إبن عباس ".[5] وقد ورد عن إبن عباس في التفسير مالايحصي كثرة، وجمع ما نقل عنه في تفسير ممزوج يسمي (تنوير المقباس من تفسير إبن عباس) وفيه روايات وطرق مختلفة، وتعدد الروايات عن ابن عباس، وتفاوت صحة وضعفا، وقد تتبع العلماء هذه الروايات وكشفوا عن مبلغها من الصحة، ولكن أحسن الطريق عنه طريق علي بن أبي طلحة الهاشمي عنه، واعتمد علي هذه البخاري في صحيحه، ومن جيد الطريق طريق قيس بن مسلم الكوفي عن عطاء من السائب.[6]
تفسير ابن عباس
        ينسب الي ابن عباس جزء كبير في التفسير، طبع في مصر مرارا باسم ( تنوير المقباس من تفسير ابن عباس ) جمعه أبو طاهر محمد بن يعقوب الفيرزابادي الشافعي صاحب القاموس المحيط.[7] ومن خصائص هذا التفسير : الأول – الرجوع الي الشعر القديم، كان ابن عباس يرجع في فهم معاني الألفاظ الغريبة التي وردت في القرآن إلي الشعر القديم.[8] والثاني  - الرجوع الي أهل الكتاب، وهذا قد اتهمه الأستاذ جولد زيهر في كتابه، ولكن رد هذا الإتهام الدكتور حين الذهبي لأن ابن عباس كان سؤاله عن بعض القصص والأخبار الماضية ولم يكن عن شئ يمس العقيدة.[9]
        ومن أمثلة تفسير ابن عباس في سورة البقرة 97 – 98 : قول عز تعالي ( قُلْ ) يا محمد ( مَنْ كَانَ عَدُوًّا لِجِبْرِيلَ فَإِنَّهُ ) عدو الله ( نَزَّلَهُ عَلَىٰ قَلْبِكَ ) نزل الله جبريل ( بِإِذْنِ اللَّهِ ) بأمر الله ( مُصَدِّقًا ) موافقا بالتوحيد ( لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ ) من الكتاب ( وَهُدًى ) من الضلالة  ( وَبُشْرَىٰ ) بشارة للمؤمنين بالجنة ( مَنْ كَانَ عَدُوًّا لِلَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ ) ولملائكته  (وَرُسُلِهِ) ولرسله ( وَجِبْرِيلَ ) ولجبريل ( وَمِيكَالَ ) ولميكال ( فَإِنَّ اللَّهَ عَدُوٌّ لِلْكَافِرِينَ ) لليهود، وأيضا رسله وجبريل وميكائيل وسائر المؤمنين أعداء لهم.[10]
مجاهد بن جبر
        ترجمته : هو مجاهد بن جبر المكي الحجاج المخزومي المقريء، مولي السائب بن أبي السائب، وكان مولده سنة 21 هـ في خلافة عمر، ومات سنة اثنين أو ثلاث ومائة، وقال يحي القطان مات سنة 104 هـ.[11]
          مكانته : مجاهد رأس المفسرين من طبقة التابعين حتي قيل إنه كان أعلمهم بالتفسير، وكان أخذ تفسيره عن ابن عباس ثلاثين مرة،[12] وكان أقل أصحاب ابن عباس رواية عنه في التفسير، وكان أوثقهم، لهذا اعتمد علي تفسيره الشافعي والبخاري وغيرهما، ونجد البخاري رضي الله عنه في كتاب التفسير من الجامع الصحيح، ينقل لنا كثيرا من التفسير عن مجاهد، وهذه أكبر شهادة من البخاري علي ثقته وعدالته، واعتراف منه بمبلغ فهمه لكتاب الله تعالي، وقد روي الفضل ابن ميمون أنه سمع مجاهدا يقول : عرضت القرآن علي ابن عباس ثلاثين مرة.[13]
        وروي عبد السلام بن حرب عن مصعب قال : كان أعلمهم بالتفسير مجاهدا، وبالحج عطاء. وقال قتادة : أعلم من بقي بالتفسير مجاهد. وقال ابن سعد : كان ثقة، فقيها، عالما، كثير الحديث. وقال ابن حبان : كان فقيها، ورعا، عابدا، متقنا. كل هذه شهادات من العلماء النقاد تشهد بعلو مكانته في التفسير.[14]
        ومن أمثلة تفسير مجاهد في تفسيره البقرة 23- 26 : أنا عبد الرحمن قال ثنا ابراهيم، قال ثنا آدم، قال ثنا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله ( وادعوا شهداء كم ) 23 يعني ناسا يشهدون. أنبأ عبد الرحمن قال ثنا ابراهيم، قال ثنا آدم، قال ثنا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله ( الذي رزقنا من قبل ) 25 يقول : ماأشبه به، يقول : كل صنف مثل.[15]
         أنبأ عبد الرحمن قال ثنا ابراهيم، قال ثنا آدم، قال ثنا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله ( وأتوا به متشابها ) قال : خيار أيضا، و في قوله ( ولهم فيها أزواج مطهرة ) 25 قال : طهرن من الحيض والغائط والبول والبزاق والنخامة والمعني والوالد.[16]
الاستنباط
        عاش ابن عباس في عصر الصحابي، ولقد اصبح مرجع الأصحاب الآخرين، حتي كان عمر رضي الله عنه عندما سأل الصحابة عن معني آية من كتاب الله، فلما يجد عندهم جوابا مرضيا، رجع إلي ابن عباس فسأله عنها، وكان يثق بتفسيره[17]. من هنا ومن الروايات من العلماء النقاد السابقة تحقق مكانته في التفسير.
        وعاش مجاهد في عصر التابعين، ولقد اصبح رئيس المفسرين من طبقة التابعين حتي قيل إنه كان أعلمهم بالتفسير، وهو قد تلقي بابن عباس ثلاثين، ومن هنا تحقق أيضا مكانته في التفسير.




لائحة المصادر والمراجع
1.   القطان، مناع، مباحث في علوم القرآن، منشورات العصر الحديث، الرياض 1411 هـ - 1990 م.
2.   الذهبي، الدكتور حين، التفسير والمفسرين، دار إحياء التراث العربي، 1976 م.
3.   تنوير المقباس من تفسير ابن عباس، دار الكتب العلمية، بيروت – لبنان 1412 هـ.
4.   النيل، الدكتور محمد عبد السلام أبو ( تحقيق )، تفسير مجاهد بن جبر المكي، دار الفكري الإيلامي الحديثة، 1410 هـ.



[1]  مناع القطان، مباحث في علوم القرآن، ص 350
[2]  المرجع السابق، ص 347
 [3] الدكتور حين الذهبي، التفسير والمفسرين، ص 65
[4]  المرجع السابق، ص 69
 [5] القطان، ص 382
[6]  المرجع السابق، ص 347
[7]  المرجع السابق ، ص 360
[8]  الذهبي، ص 74
[9]  المرجع السابق ، ص 72
[10]  تنوير المقباس من تفسير إبن عباس، ص 17
[11]  القطان، ص 384
[12]  نفس المرجع
[13]  الذهبي، ص 104
[14]   المرجع السابق ، ص 105
[15]  تفسير مجاهد بن جبر المكي، ص 198
[16]  نفس المرجع
[17]  الذهبي، ص 69

منهج السلف والخلف في تعليم القرآن





منهج السلف والخلف في تعليم القرآن

المقدمة
        الحمد لله رب العالمين، أنزل كتابه هُدًى ورحمة وفرقانًا للعالمين، وجعله العُروة الوثقى وحبله المتين، مَن تمسَّك به سعد واهتدى، وفاز ونجا يوم الدين، ومن أعرض عنه خسر وغوى، وحاد عن الطريق المستقيم. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، اللهم صلِّ على محمد النبي، وأزواجه أمهات المؤمنين، وذريته وآل بيته الطيبين الطاهرين، كما صليت على آل إبراهيم، إنك حميد مجيد.
إن تعليم القرآن الكريم فرض كفاية، وحفظه واجب وجوبًا كفائيًّا على الأمة حتى لا ينقطع تواتره، ولا يتطرق إليه تبديل أو تحريف، فإن قام بذلك قوم سقط عن الباقين، وإلا أَثِمُوا جميعًا.[1] ولقد كان الرسول صلى الله عليه وآله وسلم لا يتوانى في إبلاغ من معه من الصحابة بما أنزل عليه من الآيات، وتعليمهم إياها فور نزولها حيث قد أمره الله -جل وعلا- بذلك في قوله تعالى:  {يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ}[2].  
        ومما لا شك فيه أن الأمة الإسلامية خير أمة أخرجت للناس، وكتابها أفضل الكتب؛ لذلك كان واجبًا عليها أن لا تألو جُهْدًا في تبليغ القرآن وتعليمه. والرسول -صلوات الله وسلامه عليه- يبين لنا أن خير الناس وأفضلهم الذي يشتغل بتعلُّم القرآن الكريم أو تعليمه وذلك فيما ثبت عن عثمان بن عفان -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- قال: "خيركم من تعلم القرآن وعلمه".[3] وعن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم: "إن الذي ليس في جَوْفِهِ شيءٌ من القرآنِ كالبيتِ الْخَرِبِ[4]". فصاحبُ القرآنِ قلبُه عامرٌ به، يتدبر آيات الله، ويتفكر في دلائل قدرته وعظمته، وبذلك تصفو نفسه، وتجملُ أخلاقه، وترقُّ أحاسيسه.
 الباحث يريد هنا أن يذكر منهج السلف الصالح  والخلف في تعليم القرآن، حتي يتضح لنا ذلك ونقدر القيام علي ما عمله السلف الصالح قبلنا، وتخليط منهجه بمنهج الخلف أو المتؤخرين اليوم.     
أهمية تعليم القرآن
القرآن هو كلام الله المنزل على نبيه محمد صلى الله عليه وسلم المعجز بلفظه، المتعبد بتلاوته، المنقول بالتواتر، المكتوب في المصاحف، من أول سورة الفاتحة إلى سورة الناس[5]. وما من شك في أن أول آيات القرآن نزولاً، كانت دعوة صريحة للقراءة والعلم والتعلم، وما يستتبع ذلك من تطبيق لما نتعلمه ونتوصل إليه، وآثار ذلك على الفرد والمجتمع. فإن القرآن الكريم كتاب الله الخالد في إعجازه، وهو حجة الله عز وجل البالغة في خلقه، تعبدهم بتلاوته وفهمه وحفظه وتدبره والعمل به.
ولقد أطلع الله تعالى الخلق من خلاله على بعض أسراره في ملكه وملكوته، فالقرآن الكريم المعجزة الباقية، والباهرة التي أيد الله عز وجل بها خير الخلق وخير الأنبياء والرسل عليهم صلوات الله وسلامه. ولهذا فقد حرص الصالحون من عباد الله والراغبون في الخير على تعلم القرآن وتعليمه، فاستثمروا في ذلك أوقاتهم وعمروا به مجالسهم وبذلوا جهودهم من أجله.
وكان الصحابة رحمهم الله يحرصون على تعليم أبنائهم القرآن وهم في سن مبكرة؛ لأن التعليم في الصغر أدعى للحفظ والفهم والإتقان, وقد بوَّب البخاري في صحيحه: باب تعليم الصبيان القرآن[6]  وكان من شروطهم في طلب العلم تعلُّم القرآن وحفظه، يقول الإمام النووي رحمه الله: "كان السلف لا يعلمون الحديث والفقه إلا لمن حفظ القرآن"[7]
ويدل على هذا قول الوليد بن مسلم: "كنا إذا جالسنا الأوزاعي فرأى فينا حدثًا –أي غلاماً- قال: يا غلام قرأت القرآن؟ فإن قال: نعم، قال: اقرأ، وإن قال: لا، قال: اذهب تعلم القرآن قبل أن تطلب العلم"[8]

منهج السلف في تعليم القرآن
قال أبو بكر محمد بن الحسين الآجُرِّي رحمه الله : أنزلَ اللهُ القرآنَ على نبيهِ صلى الله عليه وسلم ، وأعلمه فضل ما أُنزل عليه ، وأعلَم خلقَه في كتابه وعلى لسان رسوله أن القرآنَ عصمةٌ لمن اعتصم به ، وهدى لمن اهتدى به ، وغنى لمن استغنى به ، وحرزٌ من النار لمن اتبعه ، ونورٌ لمن استنار به ، وشفاءٌ لما في الصدور ، وهدى ورحمةٌ للمؤمنين ، ثم أمر الله عز وجل اسمُه خلقَه أن يؤمنوا به ، ويعمَلوا بمُحْكَمِه ، فيُحِلُّوا حلاله ويُحَرِّموا حرامه ، ويؤمنوا بمُتَشَابهِه ، ويعْتَبروا بأمثَالِه ، ويقولون آمنّا به كلٌ من عند ربنا ، ثم وعدهم على تلاوته والعمل به النجاةَ من النارِ والدخولَ إلى الجنة، ثم ندبَ خلقَه إذا هم تَلوُا كتابَه أن يتدبروه، ويتفْكَروا فيه بقلوبهم، وإذا سمعوه من غيرهم أحسنوا استماعه، ثم وعدهم على ذلك الثوابَ الجزيلَ، فله الحمد) . إلى أن قال رحمه اللهَ: (ثم إن اللهَ عزَّ وجلَّ حثَّ خلقَه على أن يتدبَّروا القرآنَ، فقال عز وجل: ﴿ أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَ ﴾ محمد: 24 وقال تعالى: ﴿ أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرً [النساء: 82 ، ألا ترونَ رحمكم الله إلى مولاكُم الكريمِ كيف يحثُّ خلْقَه على أن يتدبروا كلامَه، ومن تدبرَ كلامَهُ عرفَ الربَ عزَّ وجلَّ، وعرفَ عظيمَ سُلطَانِه وقدرته، وعرف عظيمَ تَفَضُّلِه على المؤمنين، وعرفَ ما عليه من فرضِ عبادته ، فألزَم نفسَه الواجبَ، فَحَذِر مما حذَّره مولاه الكريم ، ورَغِب فيما رغَّبه ، ومن كانت هذه صِفَتُه عند تلاوته للقرآنِ وعند استِمَاعه من غيره كان القرآن له شِفاءٌ، فاستغنى بلا مَال، وَعزَّ بلا عشيرة ، وأَنِسَ مما يستوحش منه غيرُه، وكان همُّه عند التلاوة للسورة إذا افتتحها متى أتعظُ بما أتْلُو، ولم يكن مُرادُه متى أَخْتِم السورة، وإنما مراده متى أَعْقِلُ عنِ اللهِ الخِطابَ، متى أزْدجرُ، متى أعْتَبرُ، لأن تلاوةَ القرآن عبادةٌ، لا تكون بغفلة، والله الموفق لذلك.[9]
وقد طَبّقَ السلفُ هذه الآياتِ والأحاديثَ واقعاً عملياً ولذلك كان منهجُهم في تعلُّمِ القرآن موافقاً لمرادِ الله سبحانه ومرادِ رسوله صلى الله عليه وسلم. كان السلفُ رحمهم الله يتمثلون في تعليمهم القرآن تنزيلَه على نبينا محمد صلى الله عليه وسلم منجَّماً على ثلاثٍ وعشرين سنة ويعلمون الحكمةَ العظيمةَ في ذلك.
قال أبو عبدالرحمن السلمي رحمه الله : حدثنا من كان يُقْرئنا من أصحاب رسولِ الله إنهم كانوا يأخذون من رسول اللهِ صلى الله عليه وسلم عشَر آياتٍ فلا يأخذون في العشرِ الأخرى حتى يعلموا ما في هذه من العلم والعملِ قال فتعلمنا العلمَ والعمل.[10] وقال أبو العالية الرياحي رحمه الله: تعلموا القرآنَ خمسَ آياتٍ خمسَ آياتٍ فإنه أحفظُ عليكم وجبريل كان ينزل به خمسَ آيات خمسَ .[11]
فقد أخرج ابن أبي شيبة وأحمد وابن جرير وغيرهم عن أبي عبد الرحمن السلمي قال: حدثنا من كان يقرئنا القرآن من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم كعثمان وابن مسعود وغيرهما أنهم كانوا يأخذون من رسول الله صلى الله عليه وسلم عشر آيات فلا يأخذون في العشر الأخرى حتى يعلموا ما في هذه من العلم والعمل. قال: فتعلمنا العلم والعمل.       

منهج الخلف في تعليم القرآن       
وللطريقة والمناهج دور مهم جدا في عملية التعليم وفي تحقيق أهداف التعليم. وإذا رجعنا إلى أهل الخلف أو المتأخرين، لوجدنا المناهج أو الطرق المختلفة لتعليم القرآن. والباحث سيذكر هنا بعض ذلك ويتجه الباحث إلى المناهج أو الطرق الموجودة بإندونيسييا، وهي فيما يلي: 1. طرق إقرأ  Iqro
        هي طريقة قراءة القرآن الكريم التي تؤكد على ممارسة القراءةولهذه الطريقة كتاب المسمي بـ Iqro '  يتكون من 6  مجلدات تبدأ من البسيطة، ثم  خطوة خطوة إلى مستوى الكمال. وقد تم جمع طريقة Iqro  علي يد أستاذ As’ad Human الذي يعيش في يوجياكارتا.
2. الطريقة البغدادية
        ويتمحور أسلوب القاعدة، البغدادي ، وهذا يعني أن طريقة ترتيبها في تسلسل و عملية تكرار، وكانت معروفة باسم الألف الأسلوب، با ' ، تا ' . هذه الطريقة هي أقدم طريقة ظهرت للمرة الأولى و ضعت في إندونيسيا. 
هذا الأسلوب هو وسيلة للتعلم :
-
تحفيظ       
-
الرقية
-
وحدة
-
لا تختلف            
3. الطريقة النهضية
        طريقة نهضية هي طريقة قراءة القرآن التي تظهر في Tulungagung ، جاوي الشرقية، وهذه الطريقة هي تطورا من طريقة البغدادية،  لأن هذا الأسلوب هو أسلوب من أساليب تطوير آل بغدادى ، والمواد تعليم القرآن هو لا يختلف كثيرا عن أسلوب.       
4. طريقة قرائتي
        وهذه الطريقة تدخل تطبيقات قراءة الترتيل وقواعد علم التجويد مباشرة عند التدريس أمام التلاميذ. وكان التلميذ يقوم بالقرآءة فرديا مع تطبيق الترتيل وقواعد علم التجويد في هذه الطريقة، والمدرس يسمع قرائته.

الإختتام
هذه هي بعض الطرق أو المناهج المتبعة في تعليم القرآن عند السلف والخلف. وعسي أن ينفعنا وإياكم هذا الباحث الموجز. والسلام عليكم ورحمة الله وبراكته.


[1]  مناع القطان
[2]  سورة المائدة: 67
          [3]  أخرجه البخاري في فضائل القرآن "9/ 66، 67"
[4] أخرجه الترمذي ح رقم 2914 في ثواب القرآن،
[5]  الدوكتور محمود سالم عبيدات، دراسات في علوم القرآن، (دار عمار، دون السنة) ص 12
[6]  فتح الباري لابن حجر،  ص 254
[7]  المجموع للنووي،  ص 38
[8]  الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع للخطيب البغدادي، ص 87
[9]  آداب حملة القرآن: ص  69
[10]  الدر المنثور، ص 69
[11]  آيات السير، المجلد الرابع ، ص 211