Senin, 16 November 2015

علم الدلالة وعلاقته بعلم اللسانيات







نشأة علم الدلالة وعلاقته بعلم اللسانيات

أ. أهمية تعلم علم الدلالة
        القرأن خطاب الله  تضمن فيه ما شرع الله على عباده.  لهذا وجب علينا فهمه وتدبره وتحقيقه في الأعمالن اليومية. وللحصول على الفهم السليم نحتاج إلى خطوات التحليل الصحيحة والمناهج الشاملة التي تعتد على النظرية  المناسبة بمعلومة البحث منها النظرية الدلالية. وقد استعمل الإنسان علم الدلالة للبحث عن مشكلات الأيات القرآنية وإعجازها وتفسير معانيها واستخراج الأحكام  الشرعية منها.  وترجع أهمية علم الدلالة بتطور اللغة إلى الأسباب منها،  معنى يوصل غرض الإنس إلى غيره والتطور في علم المعرفة والتكنولوجيا.

ب. التعريف بعلم الدلالة
أسماؤه: أطلقت عليها عدة أسماء في اللغة الإنجليزية أشهرها semantics، وفي اللغة العربية فهم يسميه علم الدلالة، وبعضهم يسميه علم المعنى.[1] وعلى الرغم أن مصطلح (الدلالة) عندنا أوسع وأشمل من مصطلح (المعني)، إذ يدخل ضمن الدلالة الرموز اللغوية(الألفاظ) وغيرها من أدوات الاتصال.[2]
التعريف: لغة:مصدر دلَّ، التى تدل على الإرشاد إلى الشئ والتعريف به،[3]ومن المجاز: ودله على الصراط المستقيم.[4] وأما الدلالة اصطلاحا: يعرف بعضهم بأنه دراسة المعني، أو العلم الذي يدرس المعني.[5] وعرفها الجرجانى: "هى كون الشئ بحالة، يلزم من العلم به، والشئ الأول هو الدال، والثانى المدلول" وهذا معنى عام لكل رمز إذا عُلم.[6]
موضوعه: شيئ أو كل شيئ يقوم بدور العلامة أو الرمز. وهذه قد تكون علامات على الطريق أو إشارة باليذ أو إيماءة بالرأس كما  تكون كلمات وجملا. ومثال الرمز: حمرة الوجه الدالة على الخجل والتصفيق علامة الاستحسان.[7]
واضعه: ظهرت أوليات هذا العلم منذ وسط القرن التاسع عشر ومن أهم المسهمين في وضع أساس هذا العلم من الغربيين Max Muller الذي صرح في كتابين له بعنواني The science of language  و The science of thought  ثم Michel breal  الذي كتبا بحثا بعنوان مقالة في السيمانتيك Essai de semantique وهو أول من استخدم مصطلح سيمانتيك.[8] وظهر أيضا اهتمام العربيين في بحوثهم بهذا العلم منها: محاولة ابن فارس في معجمه المقاييس، وزمخشري في معجعه أساس البلاغة، الخصائص لإبن جني، المزهر للسيوطي.[9]

ج. خلفية نشأة علم الدلالة
لقد استقطبت اللغة اهتمام المفكرين منذ أمد بعيد، لأن عليها مدار حياة مجتمعاتهم الفكرية والاجتماعية، وبها فهم قوام كتبهم المقدسة.[10] ودليل ذلك، إذا رجعنا إلى نظرة تاريخية لوجدنا أن الفلاسفة اليونانين من قديم الزمان قد أعرضوا في بحوثهم ومناقشاتهم لموضوعات من صميم علم الدلالة، ومعنى ذلك أن الدراسة الدلالية قديمة قدم التفكير الإنساني. علي سبيل المثال: تكلم أرسطو عن الفرق بين الصوت والمعني.[11]
وكان الجدل الطويل الذي دار حول نشأة اللغة قد أثار عدة قضايا تعد المحاورة الرئيسية لعلم الألسنيات الحديثة منها حول نشأة اللغة. كما قالوا: بوجود علاقة ضرورية بين اللفظ والمعني شبيهة بالعلاقة اللزومية بين النار والدخان.[12]
 لهذا إن نشأة علم الدلالة لم تكن نشأة مستقلة عن علوم اللغة الأخري، بل لها علاقة لصيقة بعلم اللسانيات الذي يهتم بدراسة اللسان البشري، إلا أن عدم اهتمام علماء اللسانيات بدلائل الكلمات، كان دافعا لبعض العلماء اللغويين إلى البحث عن مجال علمي يضم بحثا في جوهر الكلمات ودلالتها، لكي يحددوا ضمنه، وموضوعاته، ومعاييره، وقواعده، ومناهجه، وأدواته، وما كان ذلك يسيرا إذا علمنا التداخل المتشابك الذي كان يجمع بين علوم اللغة وعلم الألسانية الذي ذهب علماؤه إلي تفريعه إلى المباحث، كما هو شأن اللسانيات النفسية، واللسانيات العصبية وما إلى ذلك.[13]

د. علم الدلالة في الحقول الأخري
ليس اللسانيون الباحثين الوحيدين المهتمين بعلم الدلالة، فقد شغل الموضوع بال الفلاسفة وعلماء الأجناس البشرية وعلماء النفس. ومن غير شك فقد استفادت اللسانيات كثيرا من جهود العلماء في هذه الحقول الثلاثة. وهؤلاء العلماء يختلفون في أهدافهم واهتمامهم عن اللسانيات في معالجتهم للموضوع وحتي تحديداتهم له في غالب الأحيان. ومن الصعوبة شرح الاختلافات بدقة فمن المستحسن أن نستعرض بعض النقط الجوهرية المهمة.[14]
·    ذهب بعض الفلاسفة إلى أن كثيرا من الإشكالات الفلسفية (إن لم تكن كلها) ممكن تحليلها بدراسة "اللغة الاعتيادية". المثل: المسائل المتعلقة بطبيعة الخير والشر أو الفضيلة والرذيلة في الفلسفة الخلقية يمكن معالجتها برؤية الطريقة التي تستعمل فيها كلمة الخير أي مسألة استعمال لفظة "الخير".ولهذا كان لبعض أعمال هؤلاء الفلاسفة تأثيرا على اللسانيات. وخصوصا في القتراحات المتعلقة بالمنجزات performative وأحداث الكلام speech acts والافتراضات المسبقة والاقحامات implicatures وغير ذلك.[15]
·    وعلماء الأجناس المهتمون باللغة يعتبرها جزاءا أساسيا من الأنماط الحضارية والسلوكية للناس الذين يدرسونهم.
·    ولقد اعتبرت العلاقة بين علم النفس واللسانيات مهمة،حتي وصل إلي الحد الذي يؤدي ظهور موضوع اللسانيات النفسية. فالمدخل النفسي إلى اللغة تكون مبدئيا في محاولة تفهيم العلميات التي تمر بها اللغة في حالتي التكلم والاستماع.[16]

ه. المقارنة بين علم الدلالة وعلم اللسانيات[17]
·       إن العلم اللساني كان يهتم بوصف الجوانب الصورية للغة ويجتنب الخوض في استبطان جوهر الكلمات ومعانيها الذي أصبح من اهتمام علم الدلالات.
·       ضرورة الإحاطة ببعد اللغة الاجتماعي والثقافي والنفسي وتتبع سيرورة المعني الديناميكي كل هذه الحواجز وقفت أمام علماء اللسانيات، فاستبعدوا في دراسة المعني وركزوا على شكل الكلمات. وبرز علم الدلالة ليملئ هذا الفراغ في الدراسة اللغوية من جهة ويعمق البحث في الجانب الدلالي للغة من جهة أخرى.
·       إن علم الدلالات هو ميدان يتجاوز حدود اللسانيات التي يتعين عليها وصف الجوانب الصوارية للغة قبل كل شيء، فالدلالة ليست ظاهرة لغوية صرفا فإنه ينبغي الاعتماد على المعطيات الخارجية.
·       ولما جاء العلماء اللغويون المتأخرون "كبلو مفيلد" الذي يري أن الدراسة الألسانية لا تقف بدراسة الأصوات والدلالات اللغوية بذاتها، بل تشمل دراسة الارتباط القائم بين أصوات معينة ودلالات معينة. وبعد هذا التزويج تبين لعلماء اللغة المحدثين أن الجانب الدلالي في اللغة لا يزال البحث فيه هزيلا  كما كان في القديم وأنه يحتاج إلى نظرة أخري على مستوي البحث وعلى مستوي المنهج.

و. علاقتهما بالدراسة القرآنية
في الجانب الأخير من العالم كان المفكرون من العرب قد خصصوا للبحوث اللغوية حيزا واسعا في إنتاجهم الموسوعي الذي يضم إلى جانب العلوم النظرية كالمنطق والفلسفة والعلوم الشرعية كالفقه والحديث، أو العلوم العربية كالنحو والصرف والبلاغة، بل إنهم كانوا يعدون علوم العربية نفسها وتعلمها من المفاتيح الضرورية للتبحر في فهم العلوم الشرعية، ولذلك تأثرت (العلوم العربية) بعلوم الدين وخضعت لتوجيهاتها. وقد تفاعلت الدراسات اللغوية مع الدراسات الفقهية، وبني اللغويون أحكامهم على أصول دراسة القرآن مع اوالحديث والقراءات. ولما كانت علوم الدين تهدف إلى استنباط الأحكام الفقهية ووضع القواعد الأصولية للفقه، اهتم العلماء بدلالة الألفاظ والتراكيب وتوسعوا في فهم معاني نصوص القرآن والحديث.[18]
لهذا وضع المفسرون شروطا صادقة لمن أراد أن ينتظم في علم الجليل التفسير، وأكثر هذه الشروط يصب في السياق والمقام وما يحيط بالنص القرآني من ظروف وملابسات لا بد للمفسر من الوعي بها قبل مباشرعه تفسير النص القرآني الكريم، فزيادة على اشتراطهم التمكن من دقائق العربية، وأحكامها الصوتية والبنائية والتركيبية والدلالية، ومعرفة أوجه الإعجاز القرآني على مستوي النظم واللفظ والدلالة وماتجري لغة القرآن الكريم.[19]

ز. تطبيقاته في القرآن
قول تعالي: وَمَا مِن دَابَّةٍ فِي الأَرْضِ..(الهود 6) نجد عمومية الألفاظ وشموليتها مما يتناسب مع عمومية المعاني وتطاولها. الدابة تستوعب مجموعة عامة مركبة من خلق الله مما دبَّ وهب ودرج من الانس والجن والطير والأنعام والوحوش والهوام وكائنات لا نعرفها ، ومخلوقات لا نتصورها.[20]




بالمر،أف آر، ترجمة مجيب عبد الحليم الماشطة، علم الدلالة، (الجامعة المستنصرية، 1985ه).
الجليل، منقور عبد، علم الدلالة أصوله ومباحثه في التراث العربي، (دمشق: اتحاد الكتاب العربي، 2001م).
حيدر، فريد عوض، علم الدلالة  دراسة نظرية وتطبيقية، (القاهرة: مكتبة الآداب،2005م).
الزبيدي، محمد بن محمد بن عبد الرزاق المرتضى،تاج العروس من جواهر القاموس، طبعة الكويت، الجلد 28.
الزمخشري، جار الله أبي القاسم محمود بن عمر، أساس البلاغة، (بيروت: دار الفكر، 1415ه-1994م).
عمر، الدكتور أحمد مختار، علم الدلالة، (القاهرة: دار الكتب، دون السنة)، الطبعة الخامسة .
نهر، الأستاذ الدكتور هادي، علم الدلالة التطبيقي في التراث العربي، (الأردن: دار الأمل، 1437ه-2007م)
 الصغير، محمد حسين على، تطور البحث الدلالي دراسة تطبيقية في القرآن الكريم، (بيروت – ليبنان، دار المؤرخ العربي، دون السنة)


[1] أحمد مختار عمر، علم الدلالة،(القاهرة: دار الكتب، دون السنة)، الطبعة الخامسة، ص 11
[2] هادي نهر، علم الدلالة التطبيقي في التراث العربي، (الأردن: دار الأمل، 1437ه-2007م)، ص 29
[3]محمد بن محمد بن عبد الرزاق المرتضى الزبيدي، تاج العروس من جواهر القاموس، طبعة الكويت، الجلد 28، ص497-498
[4]جار الله أبي القاسم محمود بن عمر الزمخشري، أساس البلاغة، (بيروت: دار الفكر، 1415ه-1994م)، ص 194
[5]عمر،المرجع السابق، ص 11
[6] فريد عوض حيدر، علم الدلالة  دراسة نظرية وتطبيقية، (القاهرة: مكتبة الآداب،2005م)، ص 11
[7]  عمر،المرجع السابق، ص 11
[8]  نفس المرجع، ص 23
[9]  نفس المرجع، ص 21
[10] منقور عبد الجليل، علم الدلالة أصوله ومباحثه في التراث العربي، (دمشق: اتحاد الكتاب العربي، 2001م)، ص 14
[11]عمر،المرجع السابق، ص 11
[12]الجليل، المرجع السابق، ص 14
[13]نفس المرجع، ص 19
[14]أف آر بالمر، ترجمة مجيب عبد الحليم الماشطة، علم الدلالة، (الجامعة المستنصرية، 1985ه)،  ص 16-17
[15]نفس المرجع، ص 17
[16]نفس المرجع، ص 18-19
[17]الجليل، المرجع السابق، ص 18-21
[18]الجليل، المرجع السابق، ص 16
[19]نهر، المرجع السابق، ص 269
[20]   محمد حسين على الصغير، تطور البحث الدلالي دراسة تطبيقية في القرآن الكريم، (بيروت – ليبنان، دار المؤرخ العربي، دون السنة)، ص 50

Tidak ada komentar:

Posting Komentar